*طوفان الجماهير العربية زوبعة في فنجان* *بقلم علي خيرالله شريف* إن خروج الجماهير العربية والإسلامية إلى الشوارع والساحات لل

عاجل

الفئة

shadow
*طوفان الجماهير العربية زوبعة في فنجان*

*بقلم علي خيرالله شريف*

إن خروج الجماهير العربية والإسلامية إلى الشوارع والساحات للتظاهر دعماً لغزة هو شيءٌ مهم جداً، ولكن إذا استعرضنا تاريخ التظاهرات الاحتجاجية تلك، نجد أنها لم تغير شيئاً في مسرى الأحداث التي كانت السبب في خروجها. فلم تمنع تظاهرات شعوب المليارات تدمير العراق، ولم تمنع احتلال الأراضي العربية، ولم تمنع تدمير ليبيا، ولم تمنع العدوان على المسجد الأقصى، وغيره وغيره... حتى أن كلام غولدامائير عندما أحرق الصهاينة المسجد الأقصى، ما زال يتردد في أذهان الناس إذ كانت تتوقع أن تجتاح الجماهير كيان إسرئيل في اليوم التالي ولكن عندما لم يحصل شيءٌ من ذلك دخلت الطمأنينة في قلبها وأكملت عربدتها في فلسطين.
لقد صارت المظاهرات في بلاد المسلمين بمثابة طقوس مؤقتة، ليس لها أهداف سوى الاحتجاج وترداد الهتافات وحرق بعض الأقمشة، ثم العودة إلى النشاط الاعتيادي الروتيني وكأن شيئاً لم يكن. باستثناء المثابرين الصادقين، أضحت معظم التظاهرات أشبه بنزهة يلتقطون فيها الصور وينشرونها على وسائل التواصل الاجتماعي.

في التظاهرات الأخيرة الداعمة لغزة، لم يتغير شيء من مسار الأحداث، فما زال الكيان الغاصب يقصف الفلسطينيين بالفوسفور ويدمر البيوت ويقتل الأطفال. باختصار ما زالت غزة تتعرض للإبادة، وبعدها سيفعلون نفس الشيء بغيرها. وما زالت الولايات المتحدة الأمريكية تدير المعركة بنفسها، وتطلق التهديدات وتتوعد وتأمر قوات الاحتلال الصهيوني بالضرب بيد من حديد. وما زالت الأنظمة العربية في البلدان التي تجري فيها التظاهرات، تصدر البيانات السخيفة التي لا تؤثر ولا تغير في المشهد، بل هي تدعم بأدائها هذا، العدوان، ويبدو أن الدول العربية متورطة بمؤامرة خطيرة على الشعب الفلسطيني. وما زالت سفارات دول العدوان الصهيوني وسفارات الدول الغربية في بلداننا، تمارس نشاطاتها الاعتيادية وكأن شيئاً لم يكن.

أعرف أن كلامي هذا لن يعجب البعض، ولكن فليسمح لي هذا البعض الذين أحترمه، بالقول أن ما يسمونه طوفاناً بشرياً لا يمكنه أن يُغرِقَ بعوضةً. ولا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنته بطوفان الأقصى الذي قصم ظهر العدو وأنهكه وأوصله إلى شفير الزوال لولا تكاثر الغربيين والأعراب لإنقاذ العدو من لفظ أنفاسه الأخيرة.
يصح تسمية تظاهرات الشعوب العربية طوفاناً، عندما تستطيع على الأقل، اجتياح السفارات وطرد السفراء وإجبار دولها على اتخاذ المواقف المشرفة التي تبدأ بقطع العلاقات وتنتهي بقطع النفط والغاز وأكثر من ذلك.

لقد أثبتت عملية حماس في ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣ أنها اسم على مسمَّى وأنها فعلاً طوفان لأنها جرفت الاحتلال وأغرقته في خسائر لم يتكبدها منذ نشأنه في المنطقة. أما حركة أكثر جماهير العرب فلم تتخطَّ الحدود المرسومة لها من قبل أنظمتها، فهي أشبه بزوبعة في فنجان، لم يرف لها رمش العدو ولا رمش السفير ولا رموش الدول الغربية التي تداعت بعد عدة أيام من طوفان الأقصى لنصرة الغدة السرطانية التي زرعتها في قلب الأمة.
قد لا يكون مناسباً فتح جبهات إضافية لنصرة غزة، ولكن عندما يكون طوفان الجماهير على مستوى طوفان ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣ لن يكون هناك حاجة لفتح الجبهات، لأن الجماهير تكون عندها قد فعلت فعلها وآتت ثمارها، وكبحت جماح كل الدول الفاجرة الداعمة للعدوان.

*السبت ١٤ تشرين الأول ٢٠٢٣*

الناشر

هدى الجمال
هدى الجمال

shadow

أخبار ذات صلة